‫الرئيسية‬ مقالات الصلاة جالسا على الكراسي
مقالات - فبراير 17, 2020

الصلاة جالسا على الكراسي

الأستاد عبد السلام الفيضي جولود

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على الشارع الأمين وعلى آله وأصحابه المقتدين أمّا بعد.

فإنّا نبحث ههنا عن مسألة مهمّة مشكلة على النّاس «الصّلوة على الكراسي» هدانا الله  إلى الصواب وشفانا من الرّياب ـ آمين.

نحن نعلم أنّ القيام ركن في المكتوبة للقادرعليه قال ابن حجر رحمه الله في شرح المنهاج «الثالث من الأركان القيام في فرض القادر عليه»  لقوله صلّى الله عليه وسلّم لعمران بن الحصيـن وكانت به بواسير صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها (البخاريّ, النسائيّ) (التحفة 2/20)

قال في حاشية القليوبي «وشمل وجوب القيام ما لو كان مع الإعانة بشيء كعصا سواء احتاج إليه لنهوضه فقط أو لدوام قيامه أو لهما معا على المعتمد» (القليوبي1/145)

الثالث القيام ولو بمعين بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة ممونه يومه وليلته (مغنى, شرواني).هذا خطب عظيم ينبغي الالتفات إليه لأنّ من يقدر على القيام بالاعتماد على العصا أوالجدار أوبالمعين ولو بأجرة لا يصلّى قاعدا. فالعجز الصحيح يندر وقوعه جدّا. اليوم نرى كثيرا من المصلين يجلسون على الكراسي وهم عاجزون في ظنّهم ولكن ليسوا بأهل الجلوس في الحقيقة.

ومن عجز عن القيام على الوجه المذكور بأن لحقه به مشقة شديدة لا تحتمل عادة صلّى قاعدا قال في المنهاج «ولو عجز عن القيام قعد كيف شاء»

 

قعد كيف شاء

قال الشرواني (قعد كيف شاء ) أي على أيّ كيفيّة شاءها من افتراش أوتمديد أونحو ذلك (شرواني2/24)

والجلوس على الكرسي أيضا داخل في «كيف شاء» وما ادّعاه البعض من أنّه لايعتبـر جلوسا فليس بصحيح . ألا ترى أنّ الجلوس بين الخطبتين الذي هو شرط الخطبة لو كان على الكرسي ألا يصحّ جلوسه ؟ بل الجلوس على مستراح المنبر كالجلوس على الكرسي أيضا. وكذا لو صلّى المريض جالسا على طرف السرير مرسلا رجليه إلى الأرض تصحّ صلوته . فكيف هذا الادّعاء؟

 

أنواع الجلوس على الكراسي

الجالسون على الكراسي مختلفو الأنواع تصحّ الصلوة في بعض الصور كما تبطل في بعضها الآخر

1) العاجز عن القيام والركوع والسجود . إذا أتمّ صلوته جالسا على الكرسي من أوّلها مع الإيماء إلى الركوع والسجود . تصحّ صلوته لأنّه عاجز صحيح.

2) شخص عجز عن القيام وعن الركوع والسجود منه ولكن إذا قعد على الأرض قدر عليهما تامّيـن. هذا الرجل إذا صلّى جالسا على الكرسي لا تصحّ صلوته لأنّه ترك تمام السجود مع أنّه مطيق له . والإيماء الّذي فعله من الكرسي لا يغني عن السجود التامّ المقدور عليه بل يصلّى جالسا على الأرض ويتمّ سجوده .

3) رجل يقدر على القيام ولكن لا يقدر على الركوع والسجود مطلقا أي لا من القيام ولا من القعود هذا الرجل يصلّى قائما وأومأ إلى الركوع والسجود بقدر إمكانه قال في التحفة ـ ولو أمكن القيام دون الركوع والسجود قام وجوبا وفعلهما بقدر إمكانه (المنهاج مع التحفة 2/23)

وهذا الرجل يقوم في جميع صلوته يقرأ الفاتحة والسورة ثمّ يومئ إلى الركوع والسجود بقدر إمكانه ثم يتشهّد قائما ويسلّم . ويكون الإيماء إلى السجود أخفض إن قدر.

4) رجل يمكنه القيام والركوع دون السجود ـ هذا ما نرى كثيرا في بلادنا ـ هذا الرجل إذا صلّى جالسا على الكرسي من أوّل الصلوة لا تصحّ صلوته لتركه القيام وكذا إذا ركع جالسا تبطل صلوته لتركه تمام الركوع المقدور عليه بل يقرأ الفاتحة والسورة قائما ثمّ يهوي إلى الركوع ثمّ يعتدل . ثمّ إذا جلس على الكرسي وأومأ إلى السجود تصحّ صلاته . ولكن لا يجب عليه هذا الجلوس للإيماء إلى السجود وإن أشار من القيام فلا بأس به قال الشرواني « ولا يلزمه القعود للإيماء بالسجود ولكن ينبغي القعود للتشهّد والسّلام»(شرواني 2/23)

وههنا وجه آخر وهو أنّه يومئ إلى الركوع قائما وإلى السجود جالسا. عبارته هكذا «ولو كان يمكنه القيام والقعود ولا يمكنه الركوع والسجود يقوم في موضع القيام ويقعد في موضع السجود ويومئ برأسه ورقبته بالركوع والسجود ما أمكنه ويركع قائما ويسـجد قاعدا (حاشية الرملي على أسنى المطالب1/146)

و الّذي نفهم من عبارات الفقهاء أنّ الإيماء إلى السجود من الجلوس وإن لم يكن واجبا أولى من الإيماء من القيام .

5) رجل يقدر على القيام والقعود لكن إذا قعد لم يستطيع أن يقوم إلى الرّكعة الأخرى. مثلا قرأ قائما وركع وسجد ثمّ عجز عن النهوض إلى القيام. هذا الرّجل إن قدر  بمعين إنسانا كان أو عصا قام وإلا أتمّ بقية صلوته جالسا.

6) شخص يقدر على القيام إذا انفرد ولكن إذا صلّى مع الجماعة لايستطيع إلا بالقعود بينها. الأفضل لهذا الرّجل الانفراد وإن شاء يصلى جماعة مع القعود حالة العجز ثمّ إذا عاد إلى استطاعة القيام قام أيضا وهكذا….

7) رجل إذا صلّى بقراءة الفاتحة فقط يتمّ صلوته قائما وإذا قرأ السّورة أيضا يحتاج إلى القعود. الأفضل لهذا الرّجل أن يقتصر على الفاتحة لكون جميع صلوته قائما. ومع ذلك يجوزله قراءة السورة. مع القعود حالة العجز قال الفقهاء في شأن هذا الرّجل « فيقوم للنيّة وقراءة الفاتحة ثمّ يقعد للسورة ثم يقوم للرّكوع وهكذا كما هو ظاهر»(شرواني، ابن قاسم 2/23)

الخلاصة :-

  • القيام في موضع القيام واجب في الفرض عند القدرة
  • ينتقل إلى الجلوس حالة العجز
  • الجلوس على الكرسي أيضا نوع من الجلوس وإن كان الافتـراش ثمّ التربع ثمّ التورك أفضل
  • القعود أوّلا لا يجوز لمن قدر على القيام. لأن الميسور لايسقط بالمعسور.

 

‫شاهد أيضًا‬

Tricked by Half-Truths

The world is becoming more advanced; information spreads across nations with a single clic…